الصداقة

الصداقة: 
 تعتبر الصداقة أحد أعذب المناهل التي تساعد الإنسان على الاستمتاع بالحياة، كما أنها علاقةٌ معروفةٌ منذ أقدم العصور، وذلك لأنها تعتبر من أهم العلاقات الإنسانية التي تأخذ صدىً كبيراً في مجالات الحياة المختلفة، سواء أكانت نفسية، أم اجتماعية، أم في مجالات الأدب والفنون، حيث إنها من أهم الأمور التي تساعد على النهوض في العلاقات الاجتماعية، وتحمي الصحة النفسية للفرد، بالإضافة إلى أنها تمنع من التعرض للوحدة والانطوائية، وتعمل على بناء أسس سليمة؛ من أجل التوافق والتجرد من المصالح.
تصميمي 


تعريف الصداقة:
 تعتبر الصداقة إحدى العلاقات المميزة في مجتمعنا، وذلك لأنها تساعد على بلورة شخصية الإنسان إلى الأفضل، وخصوصاً مع توافر الأخلاق الحسنة، كما أنها تكون مبنية على الاهتمام المتبادل، والمحبة الصادقة التي تظهر من خلال القلق على كل ما يصب في مصلحة الصديق، بالإضافة إلى أن هذه العلاقة تكون مستمرة بشكل دائم، وإن كَثُرت مشاغل الحياة.


أهمية الصداقة:
 تعتبر الصداقة أحد أهم الأمور في حياة الفرد، وقد جعل الله الاختلاف للتعارف سنةً في الحياة، حيث قال في محكم كتابه عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، ولكن الصداقة مشروطة بعدة أمور، أولها الصلاح، والخلق الحسن، كما من الممكن ألّا تقتصر الصداقة على الصديقين، بل تمتد لتصل ما بين عائلات أو أصدقاء الطرفين، إلا أنه وفي حالة عدم الالتزام في الأسس الصحيحة في اختيار الصديق، يعرّض الإنسان نفسه للوقوع في فخ رفيق السوء، حيث قال الله عز وجل في سورة الفرقان: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا* لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا).

تصميمي

صفات الصديق الحقيقي:
 هناك عدد من الصفات التي تدل بشكل واضح على أن تلك الصداقة حقيقية، تتّسم بالصلاح والديمومة، وتتمثل تلك الصفات بالآتي:
الأخلاق الحسنة، وأهمها التقوى والصلاح. 
المعاملة الحسنة مع وجود أسلوب جيد في التعامل. 
العقلانية والاتزان، بحيث يزن الأمور قبل التحدث؛ وذلك لأن الصديق الذي لا يتصف بالعقلانية قد يعود على الصديق بالضرر على الطرف الآخر.
 النشاط الدائم، وفي هذه الحالة يكون الصديق هو المعين على الاجتهاد والتقدم في الحياة. 
تقارب الميول بين الصديقين. 
التماس العذر، والثقة بأن الصديق لن يقدم على أي عمل به مضرة للطرف الآخر.



الصداقة من منظور أرسطو:
 يرى أرسطو بأن الصداقة هي مشاعر عطفٍ متبادلة بين عدد من الأفراد في المجتمع، والتي تكون مبنية على وجود تشابه في الأذواق، وعلى العِشرة الحسنة والمشاركة الوجدانية، فمن وجهة نظر أرسطو أن الصداقة تُورث عدداً من الأمور المهمة في الحياة، وهي الكَرم، ونكران الذات، والمَحبة غير المشروطة، وقد ربط أرسطو الصداقة بالسعادة البَحتة والكاملة، التي تساعد على تحديد العلاقة مع الذات ومع الناس بشكل عام، وخصوصاً مع الأشخاص الذين يمتلكون الصفات نفسها، حيث قال أرسطو عن الصداقة قوله الشهير: (لن يختار أحد حياة بلا أصدقاء ولو كان ذلك مقابل حُصوله على كل شيء آخر في العالم).  كما تكمن أهمية الصداقة لدى أرسطو بأنها تساعد على حماية الإنسان من الوقوع في الخطأ، وهي الملاذ الخاص للإنسان عند الشعور بالحزن أو الضعف، كما وقد أبدى أرسطو رأيه في أهمية الصداقة في المجتمع، حيث أشار إلى أنه ما إن تنتشر الصداقة الحقيقية المبنية على الحب، فسوف ينتشر العدل بالعالم أجمعه، فقال: (متى أحب الناس بعضهم البعض لم تعد حاجة إلى العدل غير أنهم مهما عدلوا فإنهم لا غنى لهم عن الصداقة، وأن أعدل ما وجد في الدنيا بلا جدال هو العدل الذي يستمد من العطف والمحبة).


أقسام الصداقة لدى أرسطو:
 قسّم أرسطو الصداقة إلى ثلاثة أقسام ألا وهي:
الصداقة النفعية: وهي التي يتم تحديد قيمةٍ لها عن طريق فائدة معينة مقابل تلك الصداقة، وهي صداقةٌ مؤقتةٌ وسوف تنتهي وتنقطع بانقطاع تلك الفائدة المترتبة عليها. 

صداقة المتعة: وهي التي تظهر فقط عندما تزيد درجة البهجة والمتعة عند وجود الأشخاص الآخرين، والتي تنعقد بسرعة، وكذلك سرعان ما تنتهي عند انتهاء المتعة. 

صداقة الفضيلة: تعتبر صداقة الفضيلة من أفضل أنواع الصداقة، وتقوم على تشابه الخصال والفضائل بين الطرفين، وتدوم لمدة أطول.


الصداقة من منظور التراث العربي والإسلامي :
(تُشتق كلمة الصداقة في اللغة العربية من الصِدق وهو عكس الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقًا وصِدْقًا وتَصْادقًا، ويقال: صَدَقْتُ القوم. أي: قلت لهم صِدْقًا وتصادقا في الحديث وفي المودة).  وقد قيل أيضاً بأن الصداقة تتلخص في اتفاق الأشخاص على المحبة والمودة، وأن تكون هناك منفعة متبادلة، وهذا الأمر الذي يساعد على التفريق بين الصاحب والقرين، حيث إن الصاحب هو ما عُرِّفَ باللغة العربية بأنه الحافظ، أما القرين فهو ما يمر على الشخص دون أن ينفعه.












تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الوروود

طرق تنمية المواهب

حيوان الدينوسوكس